العلوم الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العلوم الإنسانية

يشمل كل المقالات التي ترقى بالإنسان


    في نهر المعرفة الذات.. والآخر

    avatar
    hamadeh


    المساهمات : 9
    تاريخ التسجيل : 24/11/2009
    العمر : 30

    في نهر المعرفة الذات.. والآخر Empty في نهر المعرفة الذات.. والآخر

    مُساهمة  hamadeh الخميس نوفمبر 26, 2009 6:57 pm

    إن النظر في مرآة الذات يعين الإنسان على اكتشاف ما في هذه الذات من نقاط الضعف والقوة ، وهذا الاكتشاف يتيح مراجعة أحوال هذه الذات ومواقفها ، فيستخدم الإنسان سلاح الإرادة لإيقاف الوهن والضعف من جهة ، وتنمية عناصر القوة من جهة ثانية .
    وإذا كان علماء النفس يرون أن بناء شخصية الإنسان يعتمد على ما يقدمه المجتمع من خبرات ، وما يفرضه عليه من آداب وسلوكيات ، فإن الإرادة الشخصية تبقى هي العامل الحاسم في صنع الذات وتحويل اتجاهها علواً وانخفاضاً ، فتكون إما في الثريا أو في الثرى .‏ ومقياس حركة ذواتنا يرتبط أشد الارتباط بأهدافنا المرسومة ، فمنا من يعرف هدفه ، ومنا من يسير إلى غير غاية ، وفي كل الأحوال يسلك كل منا طريقاً ما ويبقى العقل هو الموجه الذي يأخذنا إلى ما نريد ، غير أن بعض الناس ينحرف عن الطريق المرسوم بسبب زحمة الحياة ، فيضيع الهدف بسبب ضياع اتجاه السير ، ومن الناس من يسلك عدة طرق لبلوغ أكثر من هدف ، فيتشتت ، ويضيع وتمضي حياته دون معنى ، ومنهم من يحدد الهدف والطريق معاً ، فيحقق الطموح وينال المراد .
    إن سعي الإنسان وراء الأهداف الباهتة والغايات التي لا تنسجم ومنطق العقل يجعل منه كائناً غير متوازن ، مرتبكاً بسبب الخلل الحادث في ذاته نتيجة الصراع بين هذه الأهداف ومنظومة القيم السائدة ، وحتى نزيل هذا التشويش لا بد من رفع مستوى العقلانية حتى لا تُترك الساحة فارغة لفيروسات النزعات التي تجعلنا أسرى الأهداف الآنية الجوفاء .‏ وليس ابتداعاً القول إن تخفيف تأثير الهوى المريض في اختيارات أهدافنا على جميع الصعد من شأنه أن يجعلنا أكثر اطمئناناً وراحة في الحياة ذلك لأن البشر مجبولون على السعي وراء اللذات والأهواء بل إن بعضهم يميل إلى الإفراط في هذا السعي ، فتصبح الرغبات المنحطة عائقاً أمام نمو ذواتهم ارتفاعاً في شتى المدارج الروحية والعقلية .‏ وعليه فإننا نعجب بذلك الإنسان الذي يؤمن بأن الهدف الأسمى له في الحياة هو أن يكون صاحب ذات متوازنة ، فيسلك طريقاً لا تحرفه عن مقاصده العظيمة ،إنما يمضي بقناعة مطلقة مطمئناً إلى أنه يستطيع أن يحقق السعادة السامية المرتجاة بالإمكانات التي بين يديه حتى لو كانت ضئيلة على عكس صاحب الأهداف المنحطة الذي يهدر كل شيء ، ويسرف في بذل الجهد من أجل السعادة الوضيعة ، كما يفعل ذلك الذي ينفق ماله ويسرق رزق عياله ليمضي ليلة حمراء في كازينو أو حانة قذرة ليصيب هدف قطف لذة عابرة .‏
    إن أهداف أي منا هي مؤشرات على ذواتنا سمواً أو وضاعة ويبقى المعين على وضعنا على الدرب الصحيح العقل الذي نخترق به المجهول ، ونزيل به الحجب حتى لا نقع في حفرة المساوئ التي كلما تعاظمت في دواخلنا سدت منافذ نور العقل ، وأخذتنا إلى ظلام الضلال الذي إذا غمر النفس أعماها عن كل ما هو عظيم ونافع وجميل.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 3:11 am