في هذا اليوم الكريم، يوم عرَفَة.. يوم التلبية.. يوم المغفرة، نتأمل في هذا اليوم العظيم، لنقرأ رسالة الله لنا، ونتأمل في معنى "الحج عرفة"1, إن الوقوف بعرفة هو أحد الشعائر الرئيسية التي تميّز الحج، وفيه معانٍ كثيرة وأحاديث كثيرة، ولكن الناس كعادتهم في تجسيد كل حديث، جسدوا هذه المعاني أيضا، فظنوا أنهم بوقوفهم بأجسادهم ينطبق عليهم الحديث، الذي يَعِد بالمغفرة لمن وقف بعرفة.. ولمن صام عرفة، فظنوا أنهم بآدائهم لهذا الشكل بنطبق القول عليهم، وفي واقع الأمر، فإن القول ينطبق على من عرَف عرفة.. وقام عرفة.. وصام عرفة.. معرفة حقيقية.
إن عرفة ترمز الى الصعود.. ترمز الى العروج.. ترمز الى الإرتفاع.. ترمز الى المعرفة. في هذا اليوم بعد أن يكون الإنسان قد أحرَم وطاف وأعد نفسه لتلبية ربه، لأن يكون إنسانا أعلى، لأن يكون إنسانا أرقى، يبدأ في الرقي.. ويبدأ في التلبية.. ويبدأ في الصعود، وهذا هو أمل الإنسان الحقيقي على هذه الأرض، أن يُعِدّ نفسه ليكون أعلى، أن يرتقي ويترفع، ويرتفع عن كل ما هو أدنى، ويصعد الى كل ما هو أعلى، ملبيا ربه.. نداء ربه له، بقانونه الذي أحكم، القانون الذي يجعل هناك من هو أعلى وهناك من أدنى، فالذي يُعدّ نفسه لرحمة الله.. ولنعمة الله.. ولنفحات الله.. ولسر الله، يساعده الله ويأخذ بيده، ليرقى ويعلو، والذي ينسى وجوده.. وينسى رسالته.. وينسى إعداد نفسه، يكون في أدنى وأدنى،
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
(التين 95: 4-6)
وَالْعَصْر، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر، إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر
(العصر 103: 1-3)
هذا اليوم يعبّر عن هذه المعاني، يلبي الإنسان ربه، ويعلوا الى أعلى عليين، وهذا هو الهدف من الحج، أن تَعلو الى أعلى عليين، لتأخذ قوة.. ولتأخذ زادا، لذلك قيل "الحج عرفة"، بعد هذه القوة الروحية.. وبعد هذا الإرتفاع الروحي، تنزل مرة أخرى، تهبط الى الدنيا، وقد أصبحت أكثر قدرة على مجابهة الظلام فيك.. وعلى مجابهة الشيطان فيك، تعود بعد ذلك لترجم إبليس، رمزا على إدراكك لحقيقتك.. ومعرفتك لرسالتك.. بقوة روحية كسبتها، تبدأ رحلة العودة الى حياتك الطبيعية بعد ذلك، وقد كسبت قوة روحية هائلة، تمكّنك من مواصلة الحياة، وأنت على الصراط المستقيم.. وأنت في الطريق القويم.
هذا واقع تعيشه.. فإن لم يتحول الحج الى هذا الواقع الذي تعيشه، فما حججت بالمعنى الحقيقي، وإنما حججت بالمعنى الظاهري، لتبليغ رسالة، فكنت صورة تبلِّغ، ولكنك ما كسبت أنت شيئا.
وهكذا نتدبر أمرنا ونتأمل أحوالنا ونتفكر في ديننا، ونذكر أنفسنا وأن القضية ليست قضية صورا وأشكال، إنما قضية قيام، وأن تتحول هذه المعاني والرموز، الى واقع في حياتنا.. وفي سلوكنا.. وفي معاملاتنا، حتى ينطبق القول علينا.
الحج بقيامه الحقيقي هو الذي يغفر الذنوب.. وهو الذي يحرّم جسد الإنسان على النار، لأنه يتحول فعلا الى إنسان صالح.. الى وجود طاهر، ولكن أن نأخذ الحديث بكلماته وحروفه، ونجعل الشكل هو الذي ينطبق على القول، نكون بذلك غير صادقين.. وغير مدركين لمعنى الدين.. ولحديث الدين.. ولآيات الدين، فرُب إنسان لم يتمكن بجسده أن يقف بعرفة، فهو في كل يوم يقف بعرفة، ورُب حاجٍ يقف كل عام في عرفةٍ بجسده، وما وقف بعرفة.. وما عرف عرفة.. وما قام عرفة.
علينا أن ندرك ديننا.. وأن نُكبر ما فيه من معان.. وأن نكون من الذين يتأملون ويتدبرون ويتعمقون، لا من يأخذون الحروف والأشكال دون وعي ودون فهم.
نسأل الله أن نكون أهلا لدينه العظيم.. وأن نكون قد قرأنا قراءة في يوم عرفة، وأن نكون حقا في هذا المعنى قائمين، ولربنا ملبين، ولوجهه قاصدين، وفي رحمته طامعين ولمغفرته سائلين.
عباد الله..
تأملوا فيما جاء به دينكم.. وتدبروا مناسككم وشعائركم.. حتى تقرأوا ما فيها من رسائل الله لكم. ووقفة عرفة.. ويوم عرفة.. "والحج عرفة"، فيها رسائل كثيرة، فيها الإرتفاع.. وفيها التلبية.. وفيها العلو.. وفيها العروج.. وفيها المعرفة، وفيها المغفرة.. وفيها القوة الروحية التي يستمدها الإنسان من التلبية، إنها ترمز لمعانِ كثيرة.. تأملنا في بعضها اليوم، وهو قليل من كثير، لنتعلم أن عرفة هي قمة الحج.. ومقصود الحج الذي يريده الإنسان.. أن يأخذ قوة روحية كبيرة، تمكنه بعد أن يرجع الى حياته الطبيعية، أن يكون قد تغير الى الأفضل والى الأحسن والى الأقوم، فيكون بعد ذلك إنسانا آخر، وُلِد من جديد ليُكمل حياته الأرضية بروح جديدة.. وبمعنى جديد.. وبقيام جديد، يكسب فيه حياته.. ويؤدي رسالته.. ويحقق هدفه.
عباد الله..
إن هذا هو أملنا جميعا في قيامنا على أرضنا.. أن نصل الى هذا المقام، حتى تتغير حياتنا، فتكون كل أفعالنا كسبا في الله.. وإرتقاءا في الله.. وقربا من الله، إن هذا ممكن ونحن في حياتنا.. ونحن في معاملاتنا، إذا تمثَّلنا هذا المعنى، وجعلناه نُصْب أعيننا، وإتجهنا الى الله بصدق في هذا اليوم الكريم، أن يغير ما بنا وأن يعيننا على أنفسنا وأن نكون عبادا له صالحين وفي طريقه سالكين.
إن عرفة ترمز الى الصعود.. ترمز الى العروج.. ترمز الى الإرتفاع.. ترمز الى المعرفة. في هذا اليوم بعد أن يكون الإنسان قد أحرَم وطاف وأعد نفسه لتلبية ربه، لأن يكون إنسانا أعلى، لأن يكون إنسانا أرقى، يبدأ في الرقي.. ويبدأ في التلبية.. ويبدأ في الصعود، وهذا هو أمل الإنسان الحقيقي على هذه الأرض، أن يُعِدّ نفسه ليكون أعلى، أن يرتقي ويترفع، ويرتفع عن كل ما هو أدنى، ويصعد الى كل ما هو أعلى، ملبيا ربه.. نداء ربه له، بقانونه الذي أحكم، القانون الذي يجعل هناك من هو أعلى وهناك من أدنى، فالذي يُعدّ نفسه لرحمة الله.. ولنعمة الله.. ولنفحات الله.. ولسر الله، يساعده الله ويأخذ بيده، ليرقى ويعلو، والذي ينسى وجوده.. وينسى رسالته.. وينسى إعداد نفسه، يكون في أدنى وأدنى،
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
(التين 95: 4-6)
وَالْعَصْر، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر، إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر
(العصر 103: 1-3)
هذا اليوم يعبّر عن هذه المعاني، يلبي الإنسان ربه، ويعلوا الى أعلى عليين، وهذا هو الهدف من الحج، أن تَعلو الى أعلى عليين، لتأخذ قوة.. ولتأخذ زادا، لذلك قيل "الحج عرفة"، بعد هذه القوة الروحية.. وبعد هذا الإرتفاع الروحي، تنزل مرة أخرى، تهبط الى الدنيا، وقد أصبحت أكثر قدرة على مجابهة الظلام فيك.. وعلى مجابهة الشيطان فيك، تعود بعد ذلك لترجم إبليس، رمزا على إدراكك لحقيقتك.. ومعرفتك لرسالتك.. بقوة روحية كسبتها، تبدأ رحلة العودة الى حياتك الطبيعية بعد ذلك، وقد كسبت قوة روحية هائلة، تمكّنك من مواصلة الحياة، وأنت على الصراط المستقيم.. وأنت في الطريق القويم.
هذا واقع تعيشه.. فإن لم يتحول الحج الى هذا الواقع الذي تعيشه، فما حججت بالمعنى الحقيقي، وإنما حججت بالمعنى الظاهري، لتبليغ رسالة، فكنت صورة تبلِّغ، ولكنك ما كسبت أنت شيئا.
وهكذا نتدبر أمرنا ونتأمل أحوالنا ونتفكر في ديننا، ونذكر أنفسنا وأن القضية ليست قضية صورا وأشكال، إنما قضية قيام، وأن تتحول هذه المعاني والرموز، الى واقع في حياتنا.. وفي سلوكنا.. وفي معاملاتنا، حتى ينطبق القول علينا.
الحج بقيامه الحقيقي هو الذي يغفر الذنوب.. وهو الذي يحرّم جسد الإنسان على النار، لأنه يتحول فعلا الى إنسان صالح.. الى وجود طاهر، ولكن أن نأخذ الحديث بكلماته وحروفه، ونجعل الشكل هو الذي ينطبق على القول، نكون بذلك غير صادقين.. وغير مدركين لمعنى الدين.. ولحديث الدين.. ولآيات الدين، فرُب إنسان لم يتمكن بجسده أن يقف بعرفة، فهو في كل يوم يقف بعرفة، ورُب حاجٍ يقف كل عام في عرفةٍ بجسده، وما وقف بعرفة.. وما عرف عرفة.. وما قام عرفة.
علينا أن ندرك ديننا.. وأن نُكبر ما فيه من معان.. وأن نكون من الذين يتأملون ويتدبرون ويتعمقون، لا من يأخذون الحروف والأشكال دون وعي ودون فهم.
نسأل الله أن نكون أهلا لدينه العظيم.. وأن نكون قد قرأنا قراءة في يوم عرفة، وأن نكون حقا في هذا المعنى قائمين، ولربنا ملبين، ولوجهه قاصدين، وفي رحمته طامعين ولمغفرته سائلين.
عباد الله..
تأملوا فيما جاء به دينكم.. وتدبروا مناسككم وشعائركم.. حتى تقرأوا ما فيها من رسائل الله لكم. ووقفة عرفة.. ويوم عرفة.. "والحج عرفة"، فيها رسائل كثيرة، فيها الإرتفاع.. وفيها التلبية.. وفيها العلو.. وفيها العروج.. وفيها المعرفة، وفيها المغفرة.. وفيها القوة الروحية التي يستمدها الإنسان من التلبية، إنها ترمز لمعانِ كثيرة.. تأملنا في بعضها اليوم، وهو قليل من كثير، لنتعلم أن عرفة هي قمة الحج.. ومقصود الحج الذي يريده الإنسان.. أن يأخذ قوة روحية كبيرة، تمكنه بعد أن يرجع الى حياته الطبيعية، أن يكون قد تغير الى الأفضل والى الأحسن والى الأقوم، فيكون بعد ذلك إنسانا آخر، وُلِد من جديد ليُكمل حياته الأرضية بروح جديدة.. وبمعنى جديد.. وبقيام جديد، يكسب فيه حياته.. ويؤدي رسالته.. ويحقق هدفه.
عباد الله..
إن هذا هو أملنا جميعا في قيامنا على أرضنا.. أن نصل الى هذا المقام، حتى تتغير حياتنا، فتكون كل أفعالنا كسبا في الله.. وإرتقاءا في الله.. وقربا من الله، إن هذا ممكن ونحن في حياتنا.. ونحن في معاملاتنا، إذا تمثَّلنا هذا المعنى، وجعلناه نُصْب أعيننا، وإتجهنا الى الله بصدق في هذا اليوم الكريم، أن يغير ما بنا وأن يعيننا على أنفسنا وأن نكون عبادا له صالحين وفي طريقه سالكين.