العلوم الإنسانية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
العلوم الإنسانية

يشمل كل المقالات التي ترقى بالإنسان


    أجمل ماقيل من شعر جاهلي

    mahersaleh1
    mahersaleh1
    Admin


    المساهمات : 387
    تاريخ التسجيل : 25/07/2009
    العمر : 53
    الموقع : مدير مجموعة

    أجمل ماقيل من شعر جاهلي Empty أجمل ماقيل من شعر جاهلي

    مُساهمة  mahersaleh1 الثلاثاء مايو 11, 2010 1:48 am

    الأعشى
    أوَصَلْتَ صُرْمَ الحَبْلِ مِنْ * سَلْمَى لِطُولِ جِنَابِهَا
    وَرَجَعْتَ بَعْدَ الشّيْبِ تَبْ * غِي وُدّهَا
    بِطِلابِهَا أقْصِرْ، فَإنّكَ طَالَمَا * أُوضِعْتَ في إعْجَابِهَا
    أوَلَنْ يُلاحَمَ في الزّجَا * جَةِ صَدْعُهَا بِعِصَابِهَا
    أوَلَنْ تَرَى في الزُّبْرِ بَيَ * نَةً بِحُسْنِ كِتَابِهَا
    إنّ القُرَى يِوْماً سَتَهْ * لِكُ قَبْلَ حَقّ عَذَابِهَا
    وَتَصِيرُ بَعْدَ عِمَارَةٍ * يَوْماً لأمْرِ خَرَابِهَا

    وَدّعْ هُرَيْرَةَ إنّ الرَّكْبَ مرْتَحِلُ، * وَهَلْ تُطِيقُ وَداعاً أيّهَا الرّجُلُ؟
    غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها، * تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
    كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا * مَرُّ السّحَابَةِ، لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ
    تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْ * كمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ
    لَيستْ كمَنْ يكرَهُ الجيرَانُ طَلعَتَهَا، * وَلا تَرَاهَا لسِرّ الجَارِ تَخْتَتِلُ
    يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا، * إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
    إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعةً فَتَرَتْ، * وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ
    مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَةٌ * إذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ
    صَدّتْ هُرَيْرَةُ عَنّا ما تُكَلّمُنَا، * جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبلَ من تَصِلُ؟

    المرقشين
    أغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبَابَةً * وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالُبُهْ
    يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه * كذاك الهوى إمرارُه وعواقِبُهْ
    أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء * قد نأى بِغَمْزٍ من الواشين وازورَّ جانبُهْ
    وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً * وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ
    إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني * يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ

    قُلْ لأسماء أَنْجِزي الميعادا * وانْظُري أنْ تُزوِّدي منكِ زادا
    أَينما كنتِ أو حَلَلتِ بأَرضٍ * أو بلادٍ أَحيَيْتِ تلكَ البلادا
    إن تَكُونِي تَرَكْتِ رَبْعَكِ بالشَّأ * مِ وجاوَزْتِ حِمْيراً ومُرادا
    فارْتجِي أَن أَكونَ منكِ قريباً * فاسْألي الصَّادِرِين والوُرَّادا
    وإذا ما رأَيْتِ رَكْباً مُخِّبِي * نَ يَقُودونَ مُقْرَباتٍ جِيادا
    فَهُمُ صُحْبتِي على أَرْحُلِ المَيْ * سِ يُزَجُّونَ أَيْنُقاً أَفْرادا
    وإذا ما سمَعتِ من نحوِ أَرضٍ * بِمُحِبٍّ قد ماتَ أَو قِيلَ كادا
    فاعْلَمِي غيرَ عِلْمِ شَكٍّ بأَنِّي * ذاكِ، وابْكِي لِمُصْفَدٍ أَنْ يُفادى
    أو تناءت بك النوى فلقد قدتِ * فؤادِي لحينه فانقادا
    ذاك أنِّي علقت منك جوى الحبّ * وليداً فزدتُ سنّاً فزادا
    خليليّ عوجا باركَ الله فيكما وإن * لم تَكُنْ هندٌ لأرضِكما قَصْدا
    وقولا لها: ليس الضلالُ أجازَنا * ولكنّنا جُزنا لنلقاكمُ عَمدا
    تخيّرتُ من نعمان عودَ أراكةٍ * لهندٍ فمن هذا يُبلِّغه هِندا؟
    وأنطيتُهُ سيفي لكيما أقيمَهُ * فلا أوداً فيه استبنتُ ولا خَضْدا
    ستبلُغ هنداً إن سلِمْنا قلائصٌ * مَهارى يُقطِّعْنَ الفَلاةَ بنا وَخْدا
    فلمّا أنخنا العيسَ قد طال سيُرها * إليهم وجدناهم لنا بالقرى حَشْدا
    فناولتها المسواك والقلب خائف * وقلت لها: يا هند أهلكتِنا وَجْدا
    فمدَّت يداً في حُسْنِ كلٍّ تناولاً * إليه وقالت: ما أرى مثل ذا يُهْدى
    وأقبلت كالمجتاز أدّى رسالةً * وقامت تَجُرُّ المَيْسَنانِيَّ والبُردا
    تَعَرَّضُ للحي الذينَ أريدهم * وما التمستْ إلاّ لتقتلني عمدا
    فما شبهٍ هند غيرُ أدماءَ خاذِلٍ * من الوحشِ مرتاعٍ تُراعى طَلاًّ فَرْدا
    وما نطفَة من مُزْنَةٍ في وَقيعَةٍ * على متن صخر في صفاً خالطت شهْدا
    بأطيب من ريّا عُلالة ريقها * غداة هضاب الطلّ في روضة تندى

    سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى * فَأَرَّقَني وأصْحابي هُجُودُ
    فَبِتُّ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ * وأَرْقُبُ أَهْلَها وهُمُ بعيدُ
    عَلى أَنْ قَدْ سَما طَرْفِي لِنارٍ * يُشَبُّ لها بذِي الأَرْطى وَقُودُ
    حَوالَيْها مَهاً جُمُّ التَّراقي * وأَرْآمٌ وغِزْلانٌ رُقُودُ
    نَواعِمُ لا تُعالِجُ يُؤْسَ عَيْشٍ * أَوانِسُ لا تُراحُ وَلا تَرُودُ
    يَزُحْنَ مَعاً بِطاءَ المَشْيِ بُدّاً * عليهنَّ المَجاسِدُ والبُرُودُ
    سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أُخْرى * وقُطِّعَتِ المواثِقُ والعُهُودُ

    إمرؤ القيس
    أفاطِمَ مَهْلاً بَعْضَ هذا التّدَلُّلِ * وَإن كُنتِ قد أزمعْتِ صَرْمي فأجْمِلي
    أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي * وَأنّكِ مهما تأْمُري القلبَ يَفْعلِ
    وَإنْ تكُ قد ساءتْكِ مني خَليقَةٌ * فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَن

    مهفهفة بيضاء غير مفاضة * ترائبها مصقولة كالسجنجل
    كبكرة المقاناة البياض بصفرة * غذاها نمير الماء غير المحلل
    تصد وتبدي عن أسيل وتتقي * بناظرة من وحش وجرة مطفل
    وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش * إذا هي تصته ولا بمعطل
    وفرع يزين المتن أسود فاحم * أثبت كقنو النخلة المتعثكل
    غدائره مستشزرات إلى العلا * تضل المدارى في مثنى ومرسل
    وتعطو برخص غير شثن كأنه * أساريع ظبى أو مساويك اسحل
    وتضحى فتبت المسك فوق فراشها * نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
    تضئ الظلام بالعشاء كأنها * منارة ممسى راهب متبتل
    إلى مثلها يرنو الحليم صبابة * إذا ما اسبكرتت من درع ومجول

    جميل بن المعمر
    ألا ليت ريعان الشباب جديد * ودهرا تولى - يا بثين - يعود
    فنبقى كما كنا نكون وأنتمو * قريب وإذ ما تبذلين زهيد
    وما أنسى الأشياء لا أنسى قولها * وقد قربت نضوي : أمصر تريد
    و لا قولها : لولا العيون التي ترى * لزرتك فاعذرني فدتك جدود
    خليلي ما ألقى من الوجد باطن * ودمعي - بما أخفي الغداة - شهيد
    إذا قلت : ما بي يا بثينة قاتلي * من الحب قالت : ثابت ويزيد
    وإن قلت : ردي بعض عقلي أعش به * تولت وقالت : ذاك منك بعيد
    فلا أنا مردود بما جئت طالبا * ولا حبها فيما يبيد يبيد
    جزتك الجوازي يا بثين سلامة * إذا ما خليل بان وهو حميد
    وقلت لها : بيني وبينك فاعملي * من الله ميثاق له وعهود
    وقد كان حبيكم طريفا وتالدا * وما الحب إلا طارف وتليد
    وإن عروض الوصل بيني وبينها * وإن سهلته بالمنى لكؤود
    وأفنيت عمري بانتظاري وعدها * وأبليت فيها الدهر وهو جديد
    ويحسب نسوان من الجهل أنني * إذا جئت إياهن كنت أريد
    فأقسم طرفي بينهن فيستوي * وفي الصدر بون بينهن بعيد
    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بوادي القري إني إذن لسعيد
    وهل أهبطن أرضا تظل رياحها * لها بالثنايا القاويات وئيد
    وهل ألقين " سعدي " من الدهر مرة * وما رث من حبل الصفاء جديد
    وقد تلتقي الأشتات بعد تفرق * وقد تدرك الحاجات وهي بعيد
    إذا جئتها يوما من الدهر زائرا * تعرض منفوض اليدين صدود
    يصد ويغضي عن هواي ويجتني * ذنوبا عليها إنه لعنود
    فأصرمها خوفا كأني مجانب * ويغفل عنا مرة فعنود
    ومن يعط في الدنيا قرينا كمثلها * فذلك في عيش الحياة رشيد
    يموت الهوى مني إذا ما لقيتها * ويحيا إذا فارقتها فيعود
    يقولون : جاهد يا جميل بغزوة * وأي جهاد غيرهن أريد
    لكل حديث عندهن بشاشة * وكل قتيل عندهن شهيد
    وأحسن أيامي وأبهج عيشتي * إذا هيج بي يوما وهو قعود
    تذكرت ليلى فالفؤاد عميد * وشطت نواها فالمزار بعيد
    علقت الهوى منها وليدا فلم يزل * إلى اليوم ينمي حبها ويزيد
    فما ذكر الخلان إلا ذكرتها * ولا البخل إلا قلت سوف تجود
    إذا فكرت قالت : قد أدركت وده * وما ضرني بخلي فكيف أجود
    فلو تكشف الأشياء صودف تحتها * لبثنة حب طارف وتليد
    ألم تعلمي يا أم ذي الودع انني * أضاحك ذكراكم وأنت صلود !
    فهل القين فردا بثينة ليلة * تجود لنا من ودها ونجود
    ومن كان في حبي بثينة يمتري * " فبرقاء ذي ضال " علي شهيد

    أبي القلب إلا حب بثنة لم يرد * سواها وحب القلب بثنة لا يجدي
    أبي القلب إلا حب بثنة لم يرد * سواها وحب القلب بثنة لا يجدي
    تعلق روحي روحها قبل خلقنا * ومن بعد ما كنا نطافا وفي المهد
    فزاد كما زدنا فأصبح ناميا * وليس إذا متنا بمنتقض العهد
    ولكنه باق على كل حالة * وزائرنا في ظلمة القبر واللحد
    على أن من قد مات صادف راحة * وما بفؤادي من رواح ولا رشد
    يكاد فضيض الماء يخدش جلدها * إذا اغتسلت بالماء من رقة الجلد
    وقد لامني فيها أخ ذو قرابة * حبيب إليه من ملامته رشدي
    وقال أفق حتى متى أنت هائم * ببثنة فيها قد تعيد وقد تبدي
    فقلت له فيها قضى الله ما ترى * علي وهل فيما قضى الله من رد
    فإن كان رشدا حبها أو غواية * فقد جئته ما كان مني على عمد

    طرفة بن العبد
    أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ، * كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ
    بتثلِيثَ أوْ نَجرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي، * منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه
    دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى، * وإذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُه
    وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها، * لها نَظَرٌ ساجٍ إليكَ، تُوَاغِلُهْ
    غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً، * كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُه
    لَيَاليَ أقْتادُ الصِّبا ويَقُودُني، * يَجُولُ بنَا رَيعانُهُ ويُحاوِلُه
    سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها * سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ فأمايِلُهْ
    فذُو النّيرِ فالأعلامُ من جانبِ الحِمى * وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجله
    وأنّى اهْتَدَتْ سلمى وَسائلَ، بَيننا * بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ
    وكم دُونَ سَلمى من عدُوٍّ وبلدةٍ * يَحارُ بها الهادي، الخفيفُ ذلاذلُه
    يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ * رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ، ويُضائلُهْ
    وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ، * إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلهْ
    وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ، * فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِله
    كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ * بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايله
    وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي * بذلكَ، عَوْفٌ أن تُصَابَ مُقاتِله
    فلمّا رأى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ، * وأنّ هَوَى أسْماءَ لا بُدّ قاتِله
    تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ * على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِله
    إلى السّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الهوى، * ولم يَدْرِ أنّ الموْتَ بالسّرْوِ غائله
    فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ، * مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِله

    عنترة بن شداد
    بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ * إذا أتاني بريحهِ العطِرِ
    ألذُّ عندي مِمَّا حَوتْهُ يدي * مِنَ اللآلي والمالِ والبِدَر
    ومِلْكُ كِسْرَى لا أَشتَهيه إذا * ما غابَ وجهُ الحبيبِ عنْ نظري
    سقى الخِيامَ التي نُصبْنَ على * شربَّةِ الأُنسِ وابلُ المطر
    منازلٌ تَطْلعُ البدورُ بها * مبَرْقعاتٍ بظُلمةِ الشَّعر
    تَغْتَرِقُ الطَّرْفَ وَهْيَ لاهِيَةٌ * كأنّما شَفَّ وَجْهَها نُزُفُ
    بيضٌ وسُمْرٌ تَحْمي مَضاربَها * أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر
    صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جاريةٌ * مكْحولةُ المقْلتين بالحور
    تريكَ مِنْ ثغرِها إذا ابتَسمت * كأسَ مُدامٍ قد حُفَّ بالدُّررِ
    أعارت الظَّبيَ سِحرَ مقْلتها * وباتَ ليثُ الشَّرَى على حذَر
    خودٌ رداحٌ هيفاءُ فاتِنةٌ * تُخجلُ بالحُسنِ بهجةَ القمر
    يا عبلَ نارُ الغرام في كَبدي * ترمي فؤَادي بأَسْهُم الشرر

    إن طيف الخيال يا عبل يشفي * ويداوي به فؤادي الكئيب
    وهلاكي في الحب أهون عندي * من حياتي إذا جفاني الحبيب
    يا نسيم الحجاز لولاك تطفا * نار قلبي أذاب جسمي اللهيب
    لك منى إذا تنفست حر * ولرياك من عبيلة طيب
    ولقد ناح في الغصون حمام * فشجاني حنينه والنحيب
    بات يشكو فراق إلف بعيد * وينادي أنا الوحيد الغريب
    يا حمام الغصون لو كنت مثلي * عاشقا لم يرقك غصن رطيب
    فاترك الوجد والهوى لمحب * قلبه قد أذابه التعذيب
    كل يوم له عتاب مع الدهر * وأمر يحار فيه اللبيب
    وبلايا ما تنقضي ورزايا * ما لها من نهاية وخطوب

    أشاقك من عبل الخيال المبهج * فقلبك منه لاعج يتوهج
    فقدت التي بانت فبت معذبا * وتلك احتواها عنك للبين هودج
    كأن فؤادي يوم قمت مودعا * عبيلة مني هارب يتمعج
    خليلي ما أنساكما بل فداكما * أبي وأبوها أين أين المعرج
    الماء بماء الدحرضين فكلما * ديار التي في حبها بت ألهج
    ديار لذات الخدر عبلة أصبحت * بها الأربع الهوج العواصف ترهج
    الا هل ترى إن سط عني مزارها * وأزعجها عن أهلها الآن مزعج
    فهل تبلغني دارها شدنية * هملعة بين القفار تهملج

    أرض الشربة شعب ووادي * رحلت وأهلها في فؤادي
    يحلون فيه وفي ناظري * وإن أبعدوا في محل السواد
    إذا خفق البرق من حيهم * أرقت وبت حليف السهاد
    وريح الخزامى يذكر أنفي * نسيم عذارى وذات الأيادي
    أيا عبل مني بطيف الخيال * على المستهام وطيب الرقاد
    عسى نظرة منك تحيا بها * حشاشة ميت الجفا والبعاد
    أيا عبل ما كنت لولا هواك * قليل الصديق كثير الأعادي
    وحقك لا زال ظهر الجواد * مقيلي وسيفي ودرعي وسادي
    إلى أن أدوس بلاد العراق * وأفني حواضرها والبوادي
    إذا قام سوق لبيع النفوس * ونادى وأعلن فيه المنادي
    وأقبلت الخيل تحت الغبار * بوقع الرماح وضرب الحداد
    وأرجع والنوق موقورة * تسير الهويني وسيبوب حادى
    وتسهر لي أعين الحاسدين * وترقد أعين أهل الوداد

    ترى هذه ريح أرض الشربه * أم المسك هب مع الريح هبه
    ومن دار عبلة نار بدت * أم البرق سل من الغيم عضبه
    أعبلة قد زاد شوقي وما * أرى الدهر يدني إلى الأحبة
    وكم جهد نائبة قد لقيت * لأجلك يا بنت عمي ونكبه
    فلو أن عينيك يوم اللقاء * ترى موقفي زدت لي في المحبه
    يفيض سناني دماء النحور * ورمحي يشك مع الدرع قلبه
    وأفرح بالسيف تحت الغبار * إذا ما ضربت به ألف ضربه
    وتشهد لي الخيل يوم الطعان * بأني أفرقها ألف سربه
    وإن كان جلدي يرى أسودا * فلى في المكارم عز ورتبه
    ولو صلت العرب يوم الوغى * لأبطالها كنت للعرب كعبه
    ولو أن للموت شخصا يرى * لروعته ولأكثرت رعبه

    إذا رشقت قلبي سهام من الصد * وبدل قربي حادث الدهر بالبعد
    لبست لها درعا من الصبر مانعا * ولاقيت جيش الشوق منفردا وحدي
    وبت بطيف منك يا عبل قانعا * ولو بات يسري في الظلام على خدي
    فبالله يا ريح الحجاز تنفسي * على كبد حري تذوب من الوجد
    ويا برق إن عرضت من جانب الحمى * فحي بن عبس على العلم السعدي
    وإن خمدت نيران عبلة موهنا * فكن أنت في أكنافها نير الوقد
    وخل الندى ينهل فوق خيامها * يذكرها أني مقيم على العهد
    عدمت اللقا إن كنت بعد فراقها * رقدت وما مثلت صورتها عندي
    وما شاق قلبي في الدجى غير طائر * ينوح على غصن رطيب من الرند
    به مثل ما بي فهو يخفى من الجوى * كمثل الذي أخفي ويبدي الذي أبدي
    ألا قاتل الله الهوى كم بسيفه * قتيل غرام لا يوسد في اللحد

    ولولا فتاة في الخيام مقيمة * لما اخترت قرب الدار يوما على البعد
    مهفهفة والسحر من لحظاتها * إذا كلمت ميتا يقوم من اللحدا
    أشارت إليها الشمس عند غروبها * تقول إذا اسود الدجى فاطلعي بعدي
    وقال لها البدر المنير ألا اسفري * فإنك مثلي في الكمال وفي السعد
    فولت حياء ثم أرخت لثامها * وقد نثرت من خدها رطب الورد
    وسلت حساما من سواجي جفونها * كسيف أبيها القاطع المرهف الحد
    تقاتل عيناها به وهو مغمد * ومن عجب أن يقطع السيف في الغمد
    مرنحة الأعطاف مهضومة الحشا * منعمة الأطراف مائسة القد
    يبيت فتات المسك تحت لثامها * فيزداد من أنفاسها أرج الند
    ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها * فيغشاه ليل من دجى شعرها الجعد
    وبين ثناياها إذا ما تبسمت * مدير مدام يمزج الراح بالشهد
    شكا نحرها من عقدها متظلما * فواحربا من ذلك النحر والعقد
    فهل تسمح الأيام يابنة مالك * بوصل يداوي القلب من ألم الصد
    سأحلم عن قومي ولو سفكوا دمي * وأجرع فيك الصبر دون الملا وحدي

    جفون العذارى من خلال البراقع * أحد من البيض الرقاق القواطع
    إذا جردت ذل الشجاع وأصبحت * محاجره قرحى بفيض المدامع
    سقى الله عمي من يد الموت جرعة * وشلت يداه بعد قطع الأصابع
    كما قاد مثلي بالمحال إلى الردى * وعلق آمالي بذيل المطامع
    لقد ودعتني عبلة يوم بينها * وداع يقين أنني غير راجع
    وناحت وقالت كيف تصبح بعدنا * إذا غبت عنا في القفار الشواسع
    وحقك لا حاولت في الدهر سلوة * ولا غيرتني عن هواك مطامعي
    فكن واثقا مني بحسن مودة * وعش ناعما في غبطة غير جازع
    فقلت لها يا عبل إني مسافر * ولو عرضت دوني حدود القواطع
    خلقنا لهذا الحب من قبل يومنا * فما يدخل التفنيد فيه مسامعي
    أيا علم السعدى هل أنا راجع * وانظر في قطريك زهر الأراجع
    وتبصر عيني الربوتين وحاجرا * وسكان ذاك الجرع بين المراتع
    وتجمعنا أرض الشربة واللوى * ونرتع في أكناف تلك المرابع
    فيا نسمات البان بالله خبري * عبيلة عن رحلي بأي المواضع
    ويا برق بلغها الغداة تحيتي * وحي دياري في الحمى ومضاجعي
    وحقك أشجاني التباعد بعدكم * فهل أنتم أشجاكم البعد من بعدي

    رَمَتِ الفُؤَادَ مَلِيحَةٌ عَذْرَاءُ * بِسِهَامِ لَحْظٍ ما لَهُنَّ دَوَاءُ
    مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ * مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ
    فاغْتَالَني سَقَمِي الَّذِي في بَاطِني * أخْفَيْتُهُ فأَذَاعَهُ الإخْفَاءُ
    خَطَرَتْ فَقُلْتُ قَضِيبُ بَانٍ حَرّكَتْ * أعْطَافَهعُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
    وَرَنَتْ فَقُلْتُ غَزَالةٌ مَذْعُورَةٌ * قَدْ رَاعَهَا وَسْطَ الفلاَةِ بلاَءُ
    وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَةَ تِمِّهِ * قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ
    بسَمَتْ فلاَحَ ضياءُ لؤلؤ ثَغْرِها * فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ
    سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ * لِجَلاَلِها أَرْبابُنا العُظَمَاءُ
    يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ * عِنْدي إذَا وَقَعَ الإيَاسُ رَجَاءُ
    إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني * في هِمَّتي لِصُرُوفِهِ أزراءُ

    إذا الريحُ هبَّتْ منْ ربى العلم السعدي * طَفا برْدُها حرَّ الصبابةِ والوَجدِ
    وذكَّرني قوْماً حَفِظتُ عهُودَهُمْ * فما عَرفُوا قَدري ولاَ حَفِظُوا عهدي
    ولولاَ فتاةٌ في الخيامِ مُقيمَةٌ * لما اختَرْتُ قربَ الدَّار يوماً على البعدِ
    مُهفْهَفةٌ والسِّحرُ من لَحظاتها * إذا كلَّمتْ ميْتاً يقُوم منَ اللَّحْدِ
    أشارتْ إليها الشَّمْسُ عِنْد غرُوبها * تقُول: إذا اسودَّ الدُّجى فاطْلعي بعدي
    وقال لها البدْرُ المنير ألاَ اسْفري * فإنَّك مثْلي في الكَمال وفي السَّعْدِ
    فوَلّتْ حياءً ثم أَرْخَتْ لِثامَها * وقد نثرَتْ منْ خَدِّها رطِبَ الورْد
    وَسَلَّتْ حُساماً من سَواجي جفُونها * كسيْفِ أبيها القاطع المرهفِ الحدّ
    تُقاتلُ عيناها به وَهْوَ مُغمدٌ * ومنْ عَجبٍ أنْ يَقْطع السَّيْفُ في الغِمْدِ
    مُرنِّحةُ الأَعطاف مَهْضومةُ الحَشا * منَعَّمة الأَطْرافِ مائسة القَدِّ
    يبيتُ فُتاتُ المسْكِ تحتَ لثامها * فيزدادُ منْ أنْفاسها أرَجُ النَّدِّ
    ويطْلُع ضَوءُ الصبْح تَحتَ جَبينها * فيغْشاهُ ليلٌ منْ دجى شَعرها الجَعد
    وبين ثناياها إذا ما تَبسَّمتْ * مديرُ مُدامٍ يَمزجُ الرَّاحَ بالشَّهد
    شكا نَحْرُها منْ عِقدها متظلِّماً * فَواحَربا منْ ذلكَ النَّحْر والعقْدِ
    فهلْ تسمَحُ الأَيامُ يا ابْنةَ مالكٍ * بوَصْلٍ يُدَاوي القَلْبَ منْ ألم الصَّدِّ
    سأَحْلُم عنْ قومي ولو سَفكوا دمي * وأجرعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ الملا وحدي
    وحَقّكِ أَشْجاني التَّباعدُ بعدكم * فهل أنتمُ أشْجاكُم البُعدُ منْ بعدي
    حَذِرْتُ من البيْن المفرِّق بيْننا * وقد كانَ ظنِّي لا أُفارقكمْ جَهدي
    فإنْ عاينت عيني المَطايا وركْبها * فرشتُ لدَى أخْفافها صَفحةَ الخدّ

    لعُوبٌ بأَلْبابِ الرّجال كأَنَّها * إذا أَسْفَرَتْ بَدْرٌ بدا في المَحَاشِدِ
    شَكَتْ سَقَماً كيْما تُعَادَ وما بها * سِوَى فَتْرةِ العيْنَين سقْمٌ لِعائِدِ
    منَ البيض لا تلْقاكَ إلاَّ مَصونَةً * وتمْشي كَغُصْنِ البانِ بينَ الولائِدِ
    كأَنَّ الثُّريَّا حينَ لاحَتْ عَشيَّةً * على نَحْرِها مَنْظُومَةٌ في القَلائِدِ
    منَعَّمةُ الأَطْرافِ خَوْدٌ كأَنَّها * هِلالٌ على غُصْنٍ من البانِ مائِدِ
    حَوَى كلَّ حُسْنٍ في الكَوَاعِبِ شَخْصُها * فليْسَ بها إلاَّ عُيوبُ الحَواسد
    إذا كانَ دمْعي شاهدي كيفَ أجْحَدُ * ونارُ اشْتياقي في الحَشا تَتَوَقَّد
    وهيْهاتَ يَخْفى ما أُكِنُّ مِنَ الهَوَى * وثَوْبُ سَقامي كلَّ يوْمٍ يُجدَّدُ
    أُقاتِلُ أشواقي بصبْري تجلّداً * وقَلبيَ في قَيْدِ الغَرامِ مُقَيَّد
    إلى الله أشكُو جَوْرَ قَوْمي وظُلْمَهُمْ * إذا لم أجِدْ خِلاً على البُعد يَعْضُدُ
    خَليلَيَّ أمسى حُبُّ عبلةَ قاتِلي * وبأْسِي شديدٌ والحُسامُ مُهَنَّدُ
    حَرامٌ عليّ النَّوْمُ يا ابنَةَ مالكِ * ومَنْ فَرْشُهُ جمْرُ الغَضا كيْف يَرْقُدُ
    سأَنْدبُ حتى يَعْلَم الطَّيْرُ أنني * حَزينٌ ويَرْثي لي الحمامُ المغَرِّدُ
    وأَلثِمُ أرْضاً أنْتِ فيها مقيمَةٌ * لَعَلَّ لَهيبي مِنْ ثرى الأَرضِ يَبْرُدُ
    رَحَلْتِ وقلْبي يا ابْنَةَ العمِّ تائهٌ * على أثَرِ الأَظْعَانِ للرِّكْب يَنْشدُ
    لئنْ تَشْمَتِ الأَعداءُ يا بنْتَ مالكٍ * فإن ودادي مثْلما كانَ يُعهَدُ

    ذَنبي لِعبْلةَ ذنبٌ غير مغتفرِ * لمّا تَبلَّجَ صبُح الشَّيبِ في شعري
    رَمتْ عُبيلةُ قلْبي من لواحِظِها * بكُلِّ سهْم غريق النَّزعْ في الحَوَرِ
    فاعْجب لهنّ سهاماً غيْرَ طائِشَةٍ * من الجفُونِ بلا قوْسٍ ولا وَتَرِ
    كم قد حفِظْتُ ذمامَ القوم من ولَهٍ * يَعْتادني لبناتِ الدَّلِّ والخَفَرِ
    مُهفْهفاتٍ يَغارُ الغُصنُ حين يَرَى * قدودَها بيْنَ مَيَّادٍ ومنْهصر
    يا منْزلاً أدْمعي تجري عليهِ إذا * ضَنَّ السَّحابُ على الأَطْلال بالمطر
    أرضُ الشَّربَّةِ كم قضَّيت مُبتهجاً * فيها مَعَ الغيدِ والأَتْرابِ من وَطَرِ
    أيّامَ غُصْنُ شَبابي في نعُومتِهِ * ألْهُو بما فيهه من زهرٍ ومن أَثرِ
    في كلِّ يومٍ لنا من نَشْرها سَحَراً * ريحٌ شَذَاها كنَشْر الزّهر في السَّحر
    وكلُّ غصنٍ قويمٍ راق منْظرهُ * ما حَظُّ عاشِقها مِنْه سوى النَّظرِ
    أخْشى عليها ولَوْلا ذاكَ ما وَقَفَتْ * ركائبي بينَ وِرْدِ العَزْمِ والصَّدَرِ
    كلاّ ولاَ كُنْتُ بَعد القُرْبِ مُقْتنِعاً * منها على طولِ بُعْدِ الدَّار بالخبر
    هُمُ الأَحبَّةُ إنْ خانُوا وإنْ نَقَضوا * عَهدي فما حُلْتُ عَنْ وَجْدي ولا فِكري
    أَشكُو منَ الهَجر في سِرٍّ وفي عَلَنٍ * شكْوَى تُؤَثرُ في صلْدِ منَ الحجر

    زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَةَ في الكَرى * لمُتيِّم نشوانَ محلولِ العُرى
    فنهضتُ أشكُو ما لَقيتُ لبُعدها * فتنفَّسَتْ مِسكاً يخالطُ عَنْبَرا
    فضَممتُها كيما أقبِّلَ ثغرَها * والدَّمعُ منْ جَفنيَّ قد بلَّ الثرى
    وكشفتُ بُرقُعَها فأَشرَقَ وجهُها * حتى أعادَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً
    عربيَّةٌ يهْتزُّ لِينُ قوَامِها * فيخالُه العشَّاقُ رُمحاً أسمرا
    محجوبةٌ بصَوارمٍ وَذَوابلٍ * سمرٌ ودُونَ خبائها أسدُ الشَّرى
    يا عَبلَ إنَّ هَواكِ قد جازَ المَدى * وأنا المُعنَّى فيكِ منْ دُون الورى
    يا عَبلَ حبُّكِ في عِظامي مَعَ دَمي * لمَّا جرت روحي بجمسي قدْ جرَى
    وَلقد عَلِقْتُ بذَيلِ مَنْ فَخُرتْ به * عَبْسٌ وَسيْفُ أبيهِ أفنى حِمْيَرا
    يا شأْسُ جرْني منْ غرامٍ قاتلٍ * أبداً أزيدُ بهِ غراماً مُسْعرا
    يا شأسُ لولاَ أنّ سلْطانَ الهوى * ماضي العَزِيمةِ ما تملّكَ عنتَرا

    سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم * وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ
    وأطْمعُ من دَهري بما لا أنالهُ * وألزمُ منه ذُلَّ منْ ليسَ يرْحمُ
    وأَرجو التَّداني منكِ يا ابنةَ مالكٍ * ودونَ التَّداني نارُ حَرْبٍ تُضَرَّمُ
    فَمُنِّي بطيْفٍ من خيالِكِ واسأَلي * إذا عادَ عني كيفَ باتَ المتيَّمُ
    ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي * فما لي بعْدَ الهجرِ لَحمٌ ولا دَمُ
    ألم تسْمعي نَوْحَ الحمائِم في الدجى * فمنْ بَعضِ أشْجاني وَنَوْحي تعلّموا
    ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ * سوى كبدٍ حَرَّى تذوبُ فأَسقمُ
    وتلكَ عِظامٌ بالياتٌ وأَضْلعٌ * على جلدِها جيْشُ الصُّدودِ مخيِّمُ
    وإنْ عشْتُ منْ بَعد الفراقِ فما أنا * كما أدَّعي أني بعبلةَ مُغْرَمُ
    وإنْ نامَ جفني كانَ نوْمي عُلاَلةً * أقولُ: لعلَّ الطَّيْفَ يأْتي يُسلِّمُ
    أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما * غدَا طائرٌ في أيكَةٍ يترَنَّمُ
    بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني * صبُورٌ على طعْن القَنا لو عَلمتُمُ

    لمن الشُّمُوسُ عزيزَةُ الأَحداج * يَطْلُعنَ بينَ الوشْيِ والدِّيباج
    مِنْ كلّ فائِقةِ الجمال كَدُميَةٍ * من لؤْلُؤٍ قدْ صُوِّرَتْ في عاج
    تمشي وَتُرفِلُ في الثِّيابِ كأَنَّها * غُصْنٌ تَرَنَّحَ في نَقاً رجَّراج
    حفَّتْ بهن مَناصلٌ وذَوابلٌ * ومَشَتْ بهنَّ ذَواملٌ وَنواجي
    فيهن هَيفاءُ القَوامِ كأَنها * فُلكٌ مُشرَّعةٌ على الأَمواج
    خطَفَ الظَّلامُ كسارقٍ من شعرها * فكأَنَّما قرَنَ الدُّجى بدَياجي
    أبْصَرْتُ ثمَّ هَويتُ ثمَّ كَتَمْتُ ما * أَلقى وَلمْ يَعْلَمْ بذَاكَ مُناجي
    فوَصلْتُ ثمَّ قَدَرْتُ ثمَّ عَفَفْتُ من * شرَفٍ تناهى بي إلى الإنضاج

    لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي * مَحتْ آثارَهُ ريحُ الشمالِ
    وَقَفتُ به وَدَمْعي مِنْ جُفُوني * يَفيضُ على مَغانيهِ الخَوالي
    أُسائِلُ عَنْ فَتاةِ بني قُرادٍ * وعنْ أتْرابها ذَاتِ الجمال
    وكَيفَ يُجيبني رَسْمٌ مُحيلٌ * بعيدٌ لا يَرُدُّ على سُؤَالي
    إذا صاحَ الغُرابُ به شجاني * وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي
    وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا * وبالهِجْرانِ منْ بعد الوصال
    غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ * تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي
    كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي * فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال
    وخبّرْ عنْ عُبيْلةَ أَيْنَ حلّت * وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي
    أنا دَمْعي يَفيضُ وأَنْتَ باكٍ * بلاَ دَمْعٍ فذَاكَ بُكاءُ سالِ
    لَحى الله الفِراقَ ولاَ رَعاهُ * فَكَمْ قدْ شَكَّ قلبي بالنّبال
    أُقاتِلُ كلَّ جبَّارٍ عَنيدٍ * ويَقْتُلْني الفِراقُ بلا قِتالِ

    سلا القلب عما كان يهوى ويطلب * وأصبح لا يشكو ولا يتعتب
    صحا بعد سكر وانتخى بعد ذلة * وقلب الذي يهوى العلا يتقلب
    إلى كم أداري من تريد مذلتي * وأبذل جهدي في رضاها وتغضب
    عبيلة أيام الجمال قليلة * لها دولة معلومة ثم تذهب
    فلا تحسبي أني على البعد نادم * ولا القلب في نار الغرام معذب
    وقد قلت إني قد سلوت عن الهوى * ومن كان مثلي لا يقول ويكذب
    هجرتك فامضي حيث شئت وجربي * من الناس غيري فاللبيب يجرب
    لقد ذل من أمسي على ربع منزل * ينوح على رسم الديار ويندب
    وقد فاز من في الحرب أصبح جائل * يطاعن قرنا والغبار مطنب
    نديمي رعاك الله قم عن لي على * كؤوس المنايا من دم حين أشرب
    ولا تسقني كأس المدام فإنها * يضل بها عقل الشجاع ويذهب

    قيس بن الخطيم
    رَدَّ الخَلِيطُ الجِمَالَ فانْصَرَفُوا * ماذَا عَلَيْهِمْ لَوَ انّهُمْ وَقَفُوا
    لَوْ وَقَفُوا ساعةً نُسَائلُهُمْ * رَيْثَ يُضَحّي جِمَالَهُ السَّلَفُ
    فِيهِمْ لَعُوبُ العِشاء آنِسَهُ ال * دَّلّ، عَرُوبٌ يَسُوءُها الخُلُفُ
    بَيْنَ شُكولِ النّساء خِلْقَتُها * قَصْدٌ، فَلا جَبْلَةٌ وَلا قَضَفُ
    تَنامُ عَنْ كُبْرِ شَأنِها فإذا * قَامَتْ رُوَيْداً تَكادُ تَنْغَرِفُ
    حَوْراءُ جَيْداءُ يُسْتَضاء بها * كأنّها خُوطُ بَانَةٍ قَصِفُ
    تَمْشي كمَشْيِ الزَّهراء في دَمَثِ ال * رَّمْلِ إلى السّهْلِ دونَهُ الجُرُفُ
    ولا يَغِثُّ الحَدِيثُ ما نَطَقَتْ * وَهْوَ بِفِيها ذُو لَذَّةٍ طَرِفُ
    تَخْزُنُهُ وَهْوَ مُشْتَهًى حَسَنٌ * وَهْوَ إذا ما تَكَلّمَتْ أُنُفُ
    يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني * قضيْتُ لَيلي بالنوحِ والسَّهَرِ
    يا عبلَ كَمْ فِتْنةٍ بَليتُ بها * وخُضتُها بالمُهنَّدِ الذَّكر
    والخيلُ سُودُ الوجوه كالحةٌ * تخوضُ بحْرَ الهلاَكِ والخطَر
    أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ * أُطيق دفعَ القَضاءِ والقَدَرِ
    بَلْ لَيْتَ أهْلي وأهْلَ أَثْلَةَ في * دارٍ قَرِيبٍ مِنْ حَيْثُ تَخْتَلِفُ
    أَيْهاتَ مَنْ أهْلُهُ بِيَثْرِبَ قَدْ * أمْسَى وَمَنْ دُونَ أهْلِهِ سَرِفُ
    يا رَبِّ لا تُبْعِدَنْ دِيارَ بَني * عُذْرَة حَيْثُ انصرَفْتُ وانصرَفوا
    أبْلِغْ بَني جَحْجَبَى وَقَوْمَهُمُ * خَطْمَةَ أنّا وَرَاءهُمْ أُنُفُ
    وأنّنا دُونَ ما يَسومُهُمُ الأع * داءُ مِنْ ضَيْمِ خُطّةٍ نُكُفُ
    نَفْلي بِحَدّ الصَّفِيحِ هامَهُمُ * وَفَلْيُنا هَامَهُمْ بِنا عُنُفُ

    قيس بن الملوح
    تذكرت ليلى والسنين الخواليا * وأيام لا تخشى على اللهو ناهيا
    ويوم كظل الرمح قصرت ظله * بليلى فلهاني وما كنت ناسيا
    " بتمدين " لاحت نار ليلى وصحبتي * " بذات الغضى " نزجي المطي النواجيا
    فقال بصير القوم ألمحت كوكبا * بدا في سواد الليل فردا يمانيا
    فقلت له : بل نار ليلى توقدت * " بعليا " تسامى ضوؤها فبدا ليا
    فليت ركاب القوم لم تقطع الغضى * وليت " الغضى " ما شى الركاب لياليا
    فيا ليل كم من حاجة لي مهمة * إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا
    خليلي إن لا تباكياني ألتمس * خليلا إذا أنزفت دمعي بكي ليا
    فما أشرف الأيفاع إلا صبابة * ولا أنشد الأشعار إلا تداويا
    وقد يجمع الله الشتيتين بعدما * يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

    قيس بن ذريح
    عفا سرف من أهله فسراوع * فجنبا أريك فالتلاع الدوافع
    لعل لبيني أن يحم لقاؤها * ببعض البلاد إن ما حم واقع
    بجزع من الوادي خلا عن أنيسه * عفا وتخطته العيون الخوادع
    ولما بدا منها الفراق كما بدا * بظهر الصفا الصلد الشقوق الشوائع
    تمنيت أن تلقي لبيناك والمنى * تعاصيك أحيانا وحينا تطاوع
    وما من حبيب وامق لحبيبه * ولا ذي هوى إلا له الدهر فاجمع
    وطار غراب البين وانشقت العصا * ببين كما شق الأديم الصوانع
    ألا يا غراب البين قد طرت بالذي * أحاذر من لبني فهل أنت واقع!
    وإنك لو أبلغتها قليلك : اسلمي * طوت حزنا وارفض منها المدامع
    أتبكي على لبني وأنت تركتها * وكنت كآت غيه وهو طائع
    فلا تبكين في إثر شئ ندامة * إذا نزعته من يديك النوازع
    فليس لأمر حاول الله جمعه * مشت ولا ما فرق الله جامع
    طمعت بلبني أن تريع وإنما * تقطع أعناق الرجال المطامع
    كأنك لم تقنع إذا لم تلاقها * وإن تلقها فالقلب راض وقانع
    فيا قلب خبرني إذا شطت النوى * بلبني وصدت عنك ما أنت صانع
    أتصبر للبين المشت مع الجوى * أم أنت امرؤ ناسي الحياء فجازع
    فما أنا إن بانت لبيني بهاجع * إذا ما استقلت بالنيام المضاجع
    وكيف ينام المرء مستشعر الجوى * ضجيع الأسى فيها نكاس روادع
    فلا خير في الدنيا إذا لم تواتنا * لبيني ولم يجمع لنا الشمل جامع
    أليست لبين تحت سقف يكنها * وإياي هذا إن نأت لي نافع
    ويلبسنا الليل البهيم إذا دجا * ونبصر ضوء الصبح والفجر ساطع
    تطاتحت رجليها بساطا وبعضه * أطاه برجلي ليس يطويه مانع
    وأفرح إن أمست بخير وإن يكن * بها الحدث العادي توعني الروائع
    كأنك بدع لم تر الناس قبلها * ولم يطلعك الدهر فيمن يطالع
    فقد كنت أبكي والنوى مطمئنة * بنا وبكم من علم ما البين صانع
    وأهجركم هجر البغيض وحبكم * على كبدي منه كلوم صوادع
    فواكبدي من شدة الشوق والأسى * وواكبدي إني إلى الله راجع
    وأعجل للإشفاق حتى يشفني * مخافة وشك البين والشمل جامع
    وأعمد للأرض التي من ورائكم * لترجعني يوما إليك الرواجع
    فيا قلب صبرا واعترافا لما ترى * ويا حبها قع بالذي أنت واقع
    لعمري لمن أمسى وأنت ضجيعة * من الناس ما اختيرت عليه المضاجع
    ألا تلك لبنى قد تراخى مزارها * وللبين غم ما يزال ينازع
    إذا لم يكن إلا الجوى فكفى به * جوى خزق قد ضمنتها الأضالع
    أبائنة لبنى ولم تقطع المدى * بوصل ولا صرم فييأس طامع
    يظل نهار الوالهين نهاره * وتهدنه في النائمين المضاجع
    سواء فليلي من نهاري وإنما * تقسم بين الهالكين المصارع
    ولولا رجاء القلب أن تسعف النوى * لما حملته بينهن الأضالع
    له وجبات إثر لبنى كأنها * شقائق برق في السحاب لوامع
    نهاري نهار الناس حتى إذا دجا * لي الليل هزتني إليك المضاجع
    أقضي نهاري بالحديث وبالمنى * ويجمعني والهم بالليل جامع
    لقد ثبتت في القلب منك مودة * كما تثبتت في الراحتين الأصابع
    أبى الله أن يلقى الرشاد متيم * ألا كل أمر حم لابد واقع
    هما برحا بي معولين كلاهما * فؤاد وعين جفنها - الدهر - دامع
    إذا نحن أنفدنا البكاء عشية * فموعدنا قرن من الشمس طالع
    وللحب آيات تبين بالفتى * شحوب وتعرى من يديه الأشاجع
    وما كل ما منتك نفسك خاليا * تلاقي ولا كل الهوى أنت تابع
    تداعت له الأحزان من كل وجهة * فحن كما حن الظؤار السواجع
    وجانب قرب الناس يخلو بهمه * وعاوده فيها هيام مراجع
    أراك اجتنبت الحي من غير بغضة * ولو شئت لم تجنح إليك الأصابع
    كأن بلاد الله ما لم تكن بها * وإن كان فيها الخلق قفر بلاقع
    ألا إنما أبكي لما هو واقع * وهل جزع من وشك بينك نافع
    أحال على الدهر من كل جانب * ودامت فلم تبرح على الفجائع
    فمن كان محزونا غدا لفراقنا * فملآن فليبك لما هو واقع

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 3:57 pm